السبت، 17 يناير 2015

الحلقة 27


السيرة النبوية :  الحلقه السابعة و العشرون

٥٩٧- في رجب من السنة ٩ هـ وقعت آخر غزوة من غزوات النبي ﷺ ، وهي غزوة تبوك ، وتبوك تبعد عن المدينة ٧٠٠ كيلو تقريبا .

٥٩٨- وكانت هذه الغزوة مع أعظم دولة في العالم في ذلك الوقت ، وهي الروم ، وأمر النبي ﷺ أصحابه بالتَّهيُّؤ لغزو الروم .

٥٩٩- وجاء وقت غزوة تبوك في ظروف قاسية - الحر شديد ، والمسافة بعيدة جدا - ولذلك تُسمى أيضا غزوة العُسْرَة .

٦٠٠- ولم يكن الخروج لغزوة تبوك على التَّخيير ، وإنما كان على الوجوب ، يجب على كل مسلم الخروج ، إلا لمن له عذر كمرض ونحوه .

٦٠١- ثم حَثَّ النبي ﷺ الصحابة على الإنفاق لتجهيز جيش العُسْرة ، فتسابق الصحابة رضي الله عنهم إلى التنافس في الإنفاق.

٦٠٢- فجاء أبوبكر الصديق بكُلِّ ماله ، فأنفقه على جيش العُسْرة ، وجاء عمر رضي الله عنه بنصف ماله ، وأنفقه على جيش العُسْرة.

٦٠٣- وأنفق عثمان بن عفان رضي الله عنه نفقة عظيمة على جيش العُسْرة ، ماسُمِعَ بمثلها .

٦٠٤- فلما رأى النبي ﷺ هذه النفقة العظيمة من عثمان سُرّ سروراً عظيماً ، وقال : " ما ضَرَّ عثمان ما عَمِلَ بعد اليوم ".

٦٠٥- وجاء عبدالرحمن بن عوف بثمانية آلاف درهم ، وتتابع الصحابة رضي الله عنهم أجمعين في الإنفاق لتجهيز جيش العُسْرة .

٦٠٦- فلما رأى المنافقون هذا الإنفاق من الصحابة رضي الله عنهم أخذوا يستهزئون بهم ، فإذا أنفق الغني ، قالوا عنه : مُرائي .

٦٠٧- وإذا أنفق صاحب المال القليل ، ولو بصاع قال المنافقون : إن الله غني عن صاع هذا ، فهكذا كان موقف المنافقين المتخاذل .

٦٠٨- فأنزل الله في المنافقين : " الذين يَلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم ..".

٦٠٩- تَخلَّف عدد من الصحابة الصادقين عن غزوة تبوك بغير عذر ، وكانوا نَفَرَ صدق ، لا يُتَّهمون في إسلامهم .

٦١٠- مِن الذين تَخلَّفوا بغير عذر :
١- كعب بن مالك
٢- هلال بن أمية
٣- مُرارة بن الربيع
٤- أبو لُبابة بن عبدالمنذر ،
وغيرهم.

٦١١- خرج النبي ﷺ بجيشه العظيم ٣٠ ألف مقاتل ، وهو أعظم جيش يتجمع للمسلمين مُنذ بعثته ﷺ.

٦١٢- وخَلَّف النبي ﷺ علي بن أبي طالب رضي الله عنه على أهله وأمره بالإقامة فيهم ، فقال علي : أتُخلِّفني في الصبيان والنساء.

٦١٣- فقال له النبي ﷺ : " أمَا تَرضى أن تَكون مِني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي ".

٦١٤- مضى النبي ﷺ بجيشه الكبير ، وعسكر في ثنية الوداع وهناك عقد ﷺ الألوية والرايات ، وكان في جيشه ﷺ عدد كبير من المنافقين .

٦١٥- مَرَّ النبي ﷺ وهو في طريقه إلى تبوك بالحِجْر ديار ثمود - وهم قوم صالح عليه السلام - فاستعجل النبي ﷺ راحلته .

٦١٦- ونزل النبي ﷺ قريبا من ديار ثمود ، ولم يَدخلها ، فاستقى الناس من بئر كان بالحِجْر ، واعْتَجنوا به عجينهم .

٦١٧- فلما عَلِمَ النبي ﷺ بهم ، قال : " لا تدخلوا على هؤلاء القوم الذين عُذِّبُوا ، فإني أخاف أن يُصيبكم مثل ما أصابهم ".

٦١٨- ثم أمرهم ﷺ أن لا يَشربوا من بئرها ولا يَستقوا ، فقالوا : عَجنَّا منها واستقينا ، فأمرهم ﷺ أن يُلقوا ذلك العجين والماء.

٦١٩- ثم إن النبي ﷺ خطب في أصحابه خطبة عظيمة حذرهم فيها من الدخول على أماكن عُذِّب فيها الكفار ، خَشية أن يُصيبهم ما أصابهم.

٦٢٠- أكمل النبي ﷺ طريقه إلى تبوك ، وكان ﷺ يَجمع بين الصلوات ، فكان يَجمع الظهر والعصر جميعاً ، والمغرب والعشاء جميعاً .

٦٢١- أكمل النبي ﷺ طريقه إلى تبوك ، وقد أصاب الناس العطش ، واشتدت حاجتهم إلى الماء ، فشكا الناس ذلك للنبي ﷺ .

٦٢٢- فدعا النبي ﷺ ربه أن يُنزل عليهم المطر ، فتجمع السحاب ، ونزل عليهم المطر ، فشربوا ، وملؤوا ما معهم .

٦٢٣- في الطريق إلى تبوك نزل الجيش في الليل ، وقُبيل صلاة الفجر ذهب النبي ﷺ لقضاء حاجته ومعه المغيرة بن شعبة رضي الله عنه .

٦٢٤- تأخر النبي ﷺ على الصحابة رضي الله عنهم في صلاة الفجر ، فقدَّم الصحابة عبدالرحمن بن عوف ليُصلي بهم إماما في صلاةالفجر.

٦٢٥- فلما بلغ عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه الركعة الثانية جاء النبي ﷺ ، فأدرك ركعة ، وأتم ركعة ﷺ .

٦٢٦- فلما سَلَّم عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه وإذا بالنبي ﷺ يُتم الركعة التي فاتته فوقع ذلك في قلوب الصحابة رضي الله عنهم.

٦٢٧- فلما سلَّم النبي ﷺ قال لهم : " أحسنتم " أو " أصبتم ".فأقرَّهم النبي ﷺ على عدم انتظاره في سبيل إقامة الصلاة على وقتها .

٦٢٨- وأما حديث : " ما قُبض نَبي حتى يُصلي خلف رجل صالح من أمته ".فقد رواه الإمام أحمد ، وابن سعد في طبقاته وهو حديث ضعيف.

٦٢٩- أكمل ﷺ طريقه إلى تبوك ، وقال لأصحابه : " إنكم ستأتون غدا إن شاء الله عين تبوك ، فمن جاءها فلا يمس من مائها حتى آتي ".

نلتقي بإذن الله في الحلقة الثامنة والعشرين ..
بقي فقط اربع حلقات ونودع هذه السلسلة العطرة ..

الحلقة 26


السيرة النبوية :  الحلقه السادسة و العشرون

574- وصل النبي ﷺ إلى الجعرانة ، وبدأ بتوزيع غنائم حُنين ، فأعطى سادة العرب : كأبي سُفيان ، وعُيينة بن حِصن 100 من الإبل .

575- أعطى رسول الله ﷺ سادة العرب هذا العطاء الكبير، ليؤلف به قلوبهم ، كي يتمكن الإسلام من قلوبهم ، فما زال في إسلامهم ضعف .

576- أعطى النبي ﷺ كل الناس إلا الأنصار رضي الله عنهم لم يُعطهم شيئا من الغنائم ، فآثر النبي ﷺ في العطاء سادات العرب على الأنصار.

577- فبدأ الأنصار يشكون بعضهم لبعض وذهب سيد الأنصار سعد بن عُبادة إلى النبي ﷺ وقال له : يارسول الله إن الأنصار وجدوا عليك .

578- فقال رسول الله ﷺ لسعد : " اجمع لي الأنصار ".فذهب سعد وجمع الأنصار ، ثم أخبر النبي ﷺ بذلك ، فجاءهم النبي ﷺ .

579- فقال لهم ﷺ : " يا معشر الأنصار مقالة بلغتني عنكم ، أوجدتم في أنفسكم في لُعاعة من الدنيا ، تألفت بها قوما ليسلموا.

580- ووكلتكم إلى إسلامكم ، أفلا ترضون ان يذهب الناس بالشاة والبعير ، وترجعون برسول الله ".فبكى الأنصار بكاء شديداً .

581- بَيَّن النبي ﷺ لأصحابه الحكمة في إعطاء سادات العرب الأموال العظيمة ، وحرمان بعض الصحابة ، وهو خوفه من ارتدادهم .

582- قال ﷺ : " إني أُعطي أقواما لما في قلوبهم من الجزع والهَلَع وأَكِلُ أقواماً إلى ماجعل الله في قلوبهم من الغنى والخير .

583- بعدما فرغ النبي ﷺ من توزيع غنائم غزوة حُنين بالجِعرانة ، أهَلَّ بالعُمرة ليلاً ، وهذه العُمرة تُسمى عُمرة الجِعرانة .

584- ثم رجع النبي ﷺ إلى المدينة منصوراً ومؤيداً من الله سبحانه وتعالى ، فقدمها في ذي القعدة من السنة 8 للهجرة

585- في ذي القعدة من السنة 8 هـ وُلِدَ إبراهيم بن النبي ﷺ في منطقة العالية حيث أنزل النبي ﷺ أمه مَارية القبطية .

586- وكانت ماريةالقبطية أَمَة عند النبي ﷺ أهداها له المقوقس عظيم القبط ، فكان النبي ﷺ يَطؤها بملك اليمين ، ولم تكن زوجة .

587- روى الإمام مسلم في صحيحه عن أنس قال قال النبي ﷺ : " وُلِد لي الليلة غُلام ، فسميته باسم أبي إبراهيم ".

588- وتنافست نساء الأنصار في إبراهيم أيَّتُهُن ترضعه ، لأن أمه مارية القبطية كانت قليلة الحليب ، فدفعه النبي ﷺ إلى أم سَيف.

589- قال أنس : ما رأيت أحداً كان أرحم بالعيال من النبي ﷺ ، كان يدخل على ابنه إبراهيم ، فيأخذه ويُقبِّله .

590- دخل العام 9 هـ ، والذي يُسميه أهل السِّير والمغازي عام الوفود ، فأقام النبي ﷺ طيلة العام 9 هـ بالمدينة يستقبل الوفود.

591- بلغ عدد الوفود - وهي رؤوس القبائل - التي قدمت المدينة لتعلن إسلامها أكثر من 60 وفدا ، فكان العام 9 هـ حافلا بالوفود .

592- فمن الوفود التي قدمت المدينة سنة 9 هـ :1- وفد باهلة2- وفد بني تميم3- وفد بني أسد4- وفد بَجِيلَة وأَحْمَس وغيرها .

593- في رجب من السنة 9 هـ تُوفي النجاشي أصْحَمَة - ملك الحبشة - رضي الله عنه بالحبشة ، وصلى عليه النبي ﷺ صلاة الغائب .

594- قال جابر بن عبدالله قال رسول الله ﷺ : " مات اليوم رَجُلٌ صالح ، فَقُوموا فَصلُّوا على أخيكم أصْحَمَة ".متفق عليه.

595- وقال أبوهريرة : أن رسول الله ﷺ نَعَى لهم النجاشي صاحب الحبشة في اليوم الذي مات فيه ، وقال : " استغفروا لأخيكم ".

596- وقال جابر بن عبدالله : " أن نَبي الله ﷺ صَلَّى على النجاشي ، فصَفَّنا وراءه ، فكنتُ في الصَّفِّ الثاني ، أو الثالث ".

نلتقي بإذن الله في الحلقة السابعة والعشرين .

الحلقة 25


السيرة النبوية :  الحلقه الخامسة و العشرون

531- أقام النبي ﷺ في مكة بعد فتحها 19 يوما، وفي يوم السبت 6 شوال من السنة 8 هـ خرج ﷺ إلى حُنين ، وهو وادٍ قريب من الطائف ،.

532- كان سبب توجّهه ﷺ إلى حُنين مابلغه عن هوازن -أهل الطائف - أنهم يجمعون الجموع الكثيرة لقتاله ﷺ وهو في مكة، فتوجه إليهم قبل أن يأتوها.

533- جمعت هوازن 20 ألف مقاتل ، وخرجوا بنسائهم وأطفالهم وأموالهم من الإبل والغنم ، وكان قائدهم مالك بن عوف .

534- خرج النبي ﷺ من مكة ومعه 12 ألف مقاتل ، 10 آلاف الذين جاؤوا معه من المدينة لفتح مكة ، 2000 من أهل مكة وهم الطُلقاء.

535- استعمل النبي ﷺ على مكة بعد خروجه منها : عَتَّاب بن أسيد رضي الله عنه ، وهو أول أمير على مكة في الإسلام .

536- في طريق النبي ﷺ إلى حُنين مر على شجرة عظيمة يُقال لها " ذات أنواط " كان العرب يتمسحون بها ويتبركون بها ويعبدونها .

537- فقال الطُلقاء من أهل مكة - وكان في إسلامهم ضعف - : يارسول الله اجعل لنا " ذات أنواط " كما لهم " ذات أنواط ".

538- فغضب رسول الله ﷺ ، وقال : " الله أكبر قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى لموسى اجعل لنا إلٰهاً كما لهم آلهة ".

539- وصل النبي ﷺ إلى وادي حُنين ، وفي السَّحر عبَّأ رسول الله ﷺ جيشه ، وعقد الألوية والرايات ، ورتب جنده في هيئة صفوف منتظمة.

540- استعمل النبي ﷺ على الفُرسان خالد بن الوليد رضي الله عنه وبشَّر أصحابه بالفتح والنصر إن صبروا وثبتوا .

541- كان بعض المسلمين من الطُلقاء قد أُعجب بكثرتهم، وقالوا: والله لا نُغلب اليوم من قِلة ، فكان اتكالهم على عددهم.

542- بدأ المسلمون بالنزول إلى وادي حنين - وكان مُنحدراً شديداً - وكانوا لا يدرون بوجود كَمين لهوازن في أسفل الوادي .

543- فلما نزلوا الوادي ، ما فاجأهم إلا كتائب هوازن قد شَدَّت عليهم شَدَّة رجل واحد ، وبدأ الضرب بخالد بن الوليد حتى سقط .

544- وانكشفت خيل بني سُليم مُولية ، وتبعهم أهل مكة - وهم الطُلقاء - وبدأ فِرار المسلمين من كل مكان .

545- قال البراء بن عازب : فلقوا - أي المسلمون - قوماً رُماة لا يَكاد يَسقط لهم سَهْم فرَشَقُوهم رشقاً ، ما يَكادون يُخطئونا.

546- انحاز النبي ﷺ ذات اليمين ، وثبت معه نفرٌ قليل من المهاجرين والأنصار ، وأهل بيته ، فيهم : أبو بكر ، وعُمر ، وعلي .

547- فأخذ رسول الله ﷺ يُنادي الذين فرَّوا من المسلمين : " إليَّ عِباد الله هَلُمُّوا إليَّ ، أنا رسول الله ، أنا محمد ".

548- ولم يلتفت منهم أحد إليه ثم أخذ رسول الله ﷺ يركض ببغلته قِبَل المشركين ، ويقول :أنا النبي لا كذب ، أنا ابن عبدالمطلب.

549- وكان العباس آخذ بلِجَام بغلته ﷺ ، وابن عمه أبوسفيان بن الحارث آخذ بِرِكَابِها يَكُفَّانها عن الإسراع نحو العدو .

550- ثم نَزَل رسول الله ﷺ عن بغلته ، فاستنصر ربه ودعاه قائلاً : " اللهم نَزِّل نصرك ، اللهم إنْ تشأ لا تُعبد بعد اليوم ".

551- وأخذ رسول الله ﷺ يُقاتل ، والصحابة الذين ثبتوا يُقاتلون معه ، ويَتَّقون به ﷺ لشجاعته وعظيم ثباته ﷺ في مثل هذه المواقف.

552- قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : كُنَّا إذا احمر البأس ، ولقي القومُ القومَ ، اتَّقينا برسول الله ﷺ .

553- ثم قال رسول الله ﷺ لعمه العباس ، وكان رجلا صَيِّتا : " ياعباس ناد أصحاب السَّمُرَة ".- وهي الشجرة -.

554- فنادى العباس الصحابة الذين بايعوا رسول الله ﷺ بيعة الرضوان - تحت الشجرة - فلما سمع المسلمون صوته أقبلوا .

555- وهم يقولون : لبيك لبيك ، حتى إن الرجل ليُثني بعيره ، فلا يقدر على ذلك ، ويقتَحِم بعيره ، ويُخلي سبيله ، ويَقصد العباس.

556- قال العباس رضي الله عنه : والله لكأنَّ عطفتهم حين سمعوا صوتي ، عَطْفة البقر على أولادها ، وفاء ببيعة الرضوان .

557- وتجالد الناس مُجالدة شديدة ، وأشرف النبي ﷺ من  بغلته ، ثم قال : " الآن حَمي الوَطيس ".

558- ثم أخذ النبي ﷺ حصيات فرمى بهن وجوه الكفار ، وقال : " شاهت الوجوه ".فلم يبق منهم أحد إلا وامتلأت عيناه وفمه بالتراب .

559- ثم قال رسول الله ﷺ : " انهزموا ورب الكعبة ، انهزموا ورب الكعبة ".ثم أيَّد الله رسوله ﷺ والمؤمنين بنزول الملائكة .

560- قال الله تعالى : " لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حُنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تُغن عنكم شيئا ...".

561- لم تُقاتل الملائكة في غزوة حُنين ، وإنما نزلت لتخويف الكفار ، وإلقاء الرُّعب في قلوبهم .

562- لم تُقاتل الملائكة في غزوة قط إلا في غزوة بدر الكُبرى ، وهذا من خصائصها ، كما ثبت ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما .

563- لما نزلت الملائكة هرب الكفار من كل مكان، وسأل الرسول ﷺ عن خالد بن الوليد، فوجده جريحا مستندا على راحلته لا يستطيع الحركة.

564- فأتاه النبي ﷺ ، وأخذ يَنفث على جراحه ويَمسحها بيده الشريفة ، حتى شُفي خالد من جراحه ، فهذه من معجزاته ﷺ .

565- انطلق المسلمون يتبعون الكفار يَقتلون فيهم ويَأسرون ، حتى ترك الكفار أرض المعركة ، وتركوا نساءهم وذراريهم وأنعامهم .

566- وقعت كل غنائم الكفار بيد المسلمين ، وكانت غنائم عظيمة :24 ألف من الإبل40 ألف شاة 4 آلاف أوقية من الفضة .

567- غير النساء والأطفال ، فأمر النبي ﷺ أن تُجمع هذه الغنائم في منطقة الجِعرانة فجُمعت ، وجعل عليها حراسة .

568- ولم يَقسم النبي ﷺ الغنائم ، وأمر ﷺ بمتابعة الكفار الذين توجهوا إلى الطائف وتحصنوا بها .

569- غزوة الطائف هي في الحقيقة امتداد لغزوة حُنين ، وذلك أن مُعظم فُلُول هوازن فروا من حُنين وتحصنوا بالطائف .

570- وصل النبي ﷺ إلى الطائف وحاصرها ، واشتد الحصار ، لكن لم تكن هناك أي مؤشرات لفتح الطائف لقوة حصونها .

571- ثم إن رسول الله ﷺ رأى رؤيا في منامه أنه لم يُؤذن له بفتح الطائف ، ثم أخبر الناس برؤياه ﷺ.

572- ثم نادى منادي رسول الله ﷺ بالرحيل ، وترك الطائف ، فقال المسلمون : ادعُ الله عليهم، فقال ﷺ " اللهم اهد ثقيفا وائت بهم ".

573- غادر رسول الله ﷺ الطائف متوجها إلى الجعرانة ، وفي الطريق لقيه سُراقة بن مالك رضي الله عنه ، وأعلن إسلامه بين يديه ﷺ .

نلتقي بإذن الله في الحلقة السادسة والعشرين .

الحلقة 24


السيرة النبوية : الحلقه الرابعة و العشرون

509- وكان رسول الله ﷺ على ناقته القَصْواء لما دخل مكة ، وكان ﷺ في شدة التواضع لربه سبحانه الذي أكرمه بهذا الفتح العظيم.

510- وكان رسول الله ﷺ يَقرأ سورة الفتح وهو على ناقته ، يرفع بها صوته ﷺ ، وأهل مكة من بيوتهم ينظرون إلى هذا المشهد العظيم.

511- ثم ضُربت للنبي ﷺ في منطقة الخَيْف خيمة كما أمر ونزل بها ﷺ ، فجاءته أم هانئ تستأذن عليه فقال ﷺ : " مرحباً ياأم هانئ ".

512- فقالت أم هانئ للنبي ﷺ : يارسول الله أجرت فلانا وفلانا ، قريبين لها فقال رسول الله ﷺ: " قد أجرنا مَن أجرتِ ياأم هانئ ".

513- ثم قام رسول الله ﷺ حتى أتى المسجد الحرام ، والمهاجرون والأنصار بين يديه ، وخلفه ، وحوله ، يُهلِّلون ، ويُكبِّرون .

514- فأقبل رسول الله ﷺ إلى الحجر الأسود فاستلمه بِمِحجن كان في يده ، ثم طاف بالبيت سبعاً على راحلته ، وحول البيت 360 صنم.

515- فجعل رسول الله ﷺ كلما دَنا من صنم يَطْعنه بِمِحجنه ، ويقول : " وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ".

516- " قُل جاء الحق وما يُبدئ الباطلُ وما يُعيد ".فما يُشير رسول الله ﷺ بِمِحجنه على صنم في وجهه إلا وقع لِقفاه .

517- فإذا وقع الصنم قام الصحابة رضي الله عنهم بتكسيره ، حتى كُسِّرت كل الأصنام 360 التي كانت حول الكعبة .

518- ثم نادى رسول الله ﷺ حاجب الكعبة عثمان بن طلحة رضي الله عنه - وهو الذي عنده مفتاح الكعبة - .

519- فأمره رسول الله ﷺ أن يفتح له الكعبة ، فلما فتحها ، أمر رسول الله ﷺ عمر بن الخطاب أن يزيل الصور التي فيها ، فأزالها.

520- ثم دخل النبي ﷺ الكعبة وأدخل معه بلال بن رباح وأسامة بن زيد رضي الله عنهما ، وأغلق عليهم الباب فمكث ﷺ فيه طويلاً .

521- جعل رسول الله ﷺ عموداً عن يساره ، وعمودين عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه وكان البيت يومئذ على 6 أعمدة وصلى فيه ركعتين .

522- ثم خرج رسول الله ﷺ من الكعبة ، وقد تَجمَّع أهل مكة له ، فخطب فيهم خطبة عظيمة ، حَمِدَ فيها ربه ، وأثنى عليه .

523- ثم قال ﷺ : " يامعشر قريش ماترون أني فاعل بكم "؟؟
قالوا : خيراً ، أخ كريم ، وابن أخ كريم .

524- فقال ﷺ : " أقول لكم كما قال يوسف لإخوته : " لا تثريب عليكم اليوم.. " ، اذهبوا فأنتم الطُلقاء ".

525- ثم جلس رسول الله ﷺ في المسجد وفي يده مفتاح الكعبة ، فقال له علي بن أبي طالب : يارسول الله اجمع لنا الحجابة مع السقاية.

526- فقال ﷺ : " أين عثمان بن طلحة "؟؟فدُعي له ، فقال ﷺ : " خُذوها يابَني أبي طلحة تالدة خالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم ".

527- فلما استقر الأمر برسول الله ﷺ جاءه أهل مكة يُبايعونه ، فجاء أبوبكر الصديق بوالده أبي قُحافة ، فأسلم بين يديه ﷺ.

528- ثم بايع رسول الله ﷺ نساء قريش وأفتى رسول الله ﷺ بعدة فتاوى :تحريم بيع :
1- الخمر 2- الميتة 3- الخنزير 4- الأصنام.

529- كان لفتح مكة أثرٌ عظيم في نفوس العرب ، وذلك أنهم كانوا ينتظرون نتيجة الصراع بين المسلمين وقريش .

530- فلما انتصر رسول الله ﷺ على قريش ، وفُتحت مكة دخل الناس في دين الله أفواجا .

نلتقي بإذن الله في الحلقة الخامسة والعشرين .

الحلقة 23


السيرة النبوية : الحلقه الثالثة و العشرون

481- في 10 رمضان من السنة 8 هـ وقع أعظم فتح في الإسلام فتح مكة ، وكان يوماً مشهوداً ، أعز الله به دينه ورسوله ﷺ .

482- وكان سبب هذا الفتح العظيم هو غدر بَني بكر وقريش لخزاعة التي دخلت في حلف النبي ﷺ يوم الحُديبية ، فقتلوا منهم 20 رجلا.

483- فخرج عمرو بن سالم الخزاعي حتى قدم على النبي ﷺ المدينة ، فوقف عليه وهو في المسجد ، وأخبره خبر الغدر كاملاً .

484- فقال رسول الله ﷺ : " نُصِرْت ياعمرو بن سالم ".ثم خرج من مكة وَفْد من خُزاعة وأخبروا رسول الله ﷺ بالخبر.

485- خافت قريش من هذا الغدر ، وأرسلت أبا سفيان ليُجدد الصُلح مع رسول الله ﷺ ، فلم يخرج منه بشيء ، ورجع أبوسفيان خائباً .

486- تهيأ رسول الله ﷺ للفتح العظيم ، وسأل ربه أن يُعْمي عن قريش خبره ، فقال : " اللهم خُذ العيون والأخبار عن قريش ".

487- وأمر رسول الله ﷺ أصحابه بالخروج ، كما أرسل إلى كل القبائل المسلمة أن يَتجهزوا للخروج معه .

488- تجمع للنبي ﷺ 10 آلاف ، وهو أكبر جيش يتجمع للمسلمين من بعثته ﷺ ، وكان خروجه ﷺ من المدينة يوم 10 رمضان سنة 8 هـ .

489- في طريقه ﷺ إلى مكة لقيه ابن عمه أبوسفيان بن الحارث ، وابن عمته عبدالله بن أبي أمية بن المغيرة مسلمين .

490- واصل النبي ﷺ طريقه إلى مكة وهو صائم ، والناس معه صيام ، وقد صَبَّ رسول الله ﷺ الماء على رأسه ووجهه من شدة العطش .

491- فلما بلغ رسول الله ﷺ الكَديدَ وهو ماء بين عُسْفَان وقُديد ، قال لأصحابه :" إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم ".

492- فأفطر رسول الله ﷺ ، وأفطر الناس ، فكانت رُخْصَة ، ثم دعا رسول الله ﷺ بإناء ، فشرب نهاراً ليراه الناس .

493- ولما بلغ رسول الله ﷺ الجُحْفَة لقيه عمه العباس بن عبدالمطلب مُهاجرا بأهله وعياله إلى المدينة ، ففرح به النبي ﷺ .

494- وما كان العباس رضي الله عنه يعلم بقدوم جيش المسلمين ، وهو آخر من هاجر إلى المدينة ، لأن بعده فُتحت مكة وانقطعت الهجرة.

495- قال رسول الله ﷺ : " لا هجرة بعد الفتح - أي فتح مكة - ".والمقصود بالهجرة في الحديث الهجرة الخاصة من مكة إلى المدينة .

496- حديث : " ياعم اطمئن فإنك خاتم المهاجرين في الهجرة كما أنا خاتم النَّبيِّين في النُّبوة ".رواه أحمد بإسناد ضعيف جداً.

497- أكمل رسول الله ﷺ طريقه إلى مكة ، فلما وصل إلى منطقة الظهران عشاءً ، أمر أصحابه بإيقاد النيران ، فأوقدوا النار .

498- وكان الله سبحانه قد أخذ العُيُون عن قريش ، فانقطعت أخبار النبي ﷺ عنهم تماماً ، ولا يَدرون ما سيفعل النبي ﷺ بغدرهم .

499- فخرج أبو سفيان ، وحكيم بن حِزام ، وبُديل بن وَرقاء رضي الله عنهم - وكلهم أسلم بعد الفتح - يبحثون عن الأخبار .

500- فخرجوا من مكة ، حتى أتوا مَر الظهران ، وإذا بهم يرون نيران كثيرة - 10 آلاف مقاتل - ففزعوا منها فزعاً شديداً .

501- في هذه الفترة كان العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه يبحث عن أحد يُخبر قريشا بأمر النبي ﷺ ، حتى تَستسلم قريش ولا تُقاتل.

502- فرأى العباس أباسفيان سيد مكة ومعه حكيم بن حزام وبُديل بن ورقاء ، فأقنع العباس أبا سفيان بالاستسلام وأن لا تُقاتل قريش.

503- فلما رأى أبوسفيان حجم جيش النبي ﷺ 10 آلاف مُقاتل ، عَلِمَ أنه لا طاقة له بقتال النبي ﷺ ، ووافق على الاستسلام .

504- فذهب العباس بأبي سفيان إلى النبي ﷺ ، فلما دخل أبوسفيان على النبي ﷺ، دعاه النبي ﷺ إلى الإسلام فأسلم.

505- ثم قال النبي ﷺ لأبي سفيان : " مَن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومَن دخل المسجد فهو آمن ، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ".

506- ثم انطلق أبوسفيان الى أهل مكة ، وأخبرهم خبر النبي ﷺ ، وأنه لا طاقة لأحد به ، وأنه لا نَجاة لأحد يَخرج مِن بيته .

507- هنا أمر النبي ﷺ بالتحرك لدخول مكة ، وقال لأصحابه : " لا تُقاتلوا إلا من قاتلكم ، ونَهاهم عن قَتْل النساء والصبيان ".

508- ثم دخل النبي ﷺ مكة من أعلاها من كَدَاء في كتيبته الخضراء وذلك يوم الجمعة 19 رمضان من السنة 8 هـ ، وكان يوماً مشهوداً.

نلتقي بإذن الله في الحلقة الرابعة والعشرين .
سبع حلقات ونختم حلقاتنا إن شاء الله

الحلقة 22


السيرة النبوية : الحلقه الثانية و العشرون

452- فأمر رسول الله ﷺ الناس بالتجهز لقتال الغساسنة ، فتجمع لرسول الله ﷺ 3000 مقاتل ، وهو أكبر جيش إسلامي منذ بعثته ﷺ .

453- أمَّرَ رسول الله ﷺ على هذا الجيش مولاه زيد بن حارثة رضي الله عنه ، فإن قُتل فجعفر بن أبي طالب رضي الله عنه.

454- فإن قُتل جعفر ، فعبدالله بن رواحة رضي الله عنه ، وعَقَد رسول الله ﷺ لواء أبيض ، ودفعه إلى زيد بن حارثة رضي الله عنه .

455- وفي هذه الغزوة يشارك خالد بن الوليد رضي الله عنه ، وهي أول معركة يشارك فيها منذ إسلامه رضي الله عنه .

456- وصل جيش المسلمين البالغ 3000 إلى منطقة مَعَان ، فبلغه خبر عدد جيش الغساسة 200 ألف بمساعدة الروم .

457- ولم يكن المسلمون أدخلوا في حسابهم لقاء مثل هذا الجيش العرمرم الذي فوجئوا به ، ومع ذلك لم يخفهم كثرة عَدُوِّهم .

458- قَسَّمَ زيد رضي الله عنه جيشه :
الميمنة جعل عليها : قُطْبة بن قتادة .
والميسرة جعل عليها:عَبَايَة بن مالك الأنصاري.

459- تحرك جيش المسلمين إلى منطقة مُؤْتة ، والتقى الجيشان ، تخيلوا 3000 مقاتل ، يُواجهون 200 ألف مقاتل .

460- وبدأ القتال المرِير ...فعلاً معركة عظيمة ظهرت فيها بطولات عظيمة للصحابة رضي الله عنهم حَيَّرت الأعداء .

461- أخذ الراية زيد بن حارثة ، وجعل يُقاتل الكفار بضَرَاوة بالغة ، وبسالة نادرة ، والمسلمون معه ، حتى قُتل رضي الله عنه .

462- فلما قُتل زيد رضي الله عنه أخذ الراية جعفر بن أبي طالب ، وأخذ يُقاتل قتالاً عظيماً ليس له مثيل حتى قُتل رضي الله عنه .

463- فلما قُتل جعفر رضي الله عنه أخذ الراية عبدالله بن رواحة ، وتقدم بها وهو على فرسه يُقاتل الكفار حتى قُتل رضي الله عنه .

464- كشف الله أحداث المعركة لنَبيِّه ﷺ وهو في المدينة ، فلما قُتل قادة مُؤتة قال رسول الله ﷺ : " ما يَسرُّهم أنهم عندنا ".

465- قال ذلك رسول الله ﷺ للنعيم الذي هُم فيه بعد استشهادهم رضي الله عنهم أجمعين .

466- فلما قُتل عبدالله بن رواحة سقطت الراية ، ولم يُكلف رسول الله ﷺ أحداً بحملها بعده ، فتقدم ثابت بن أقْرَم وحمل الراية .

467- فاجتمع المسلمون حوله ، ومن بينهم خالد بن الوليد رضي الله عنه ، فدفع ثابت الراية لخالد ، فحملها .

468- فلما أخذ خالد رضي الله عنه الراية قال رسول الله ﷺ لأصحابه وهو في المدينة : " أخذ الراية سيف من سيوف الله ".

469- استطاع خالد رضي الله عنه أن يُرتب جيشه ، ويَثبت أمام هذا الطُوفان من العدو ، ويبدأ الهجوم على الكفار .

470- ثم إنه رضي الله عنه استطاع أن يحفظ جيش المسلمين ، وينسحب بدون خسائر ، ورجع إلى المدينة .

471- حديث : " ليسُوا بالفُرَّار ولكنهم الكُرَّار إن شاء الله ".قاله رسول الله لجيش مؤته لما انسحب من المعركة .

472- والناس يقولون : يافُرار ،فذكر الحديث أخرجه ابن إسحاق في السيرة بإسناد ضعيف قال الحافظ ابن كثير :وهذا مرسل.

473- وكان رسول الله ﷺ يتفقد آل جعفر بعد استشهاد جعفر في مؤتة ، فقال لأهله : " اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يُشغلهم "‏.

474- في جمادى الآخرة سنة 8 هـ قال رسول الله ﷺ لعمرو بن العاص : " إني أريد أن أبعثك على جيش ، فَيُسلِّمك الله ويُغْنِمُك ".

475- فقال عمرو رضي الله عنه : يارسول الله إني لم أسلم رَغْبَة في المال ، وإنما أسلمت رَغْبَة في الجهاد ، والكَينُونة معك .

476- فقال رسول الله ﷺ : " ياعمرو نِعْم المال الصالح للرجل الصالح ".ثم بعثه رسول الله ﷺ في سرية ذات السلاسل ومعه 300 مقاتل.

477- خرج عمرو بمن معه ، قاصدا جمعاً لقبيلة قُضَاعة تَجمعوا لغزو المدينة ، فباغتهم عمرو رضي الله عنه وكَبَّدهم خسائر فادحة‏.

478- ورجع إلى المدينة مُنتصرا ، ولم يُقتل أو يُجرح أحد من المسلمين في سرية ذات السلاسل ففرح بهم النبي الله ﷺ فرحاً عظيماً.

479- في شعبان سنة 8 هـ بعث رسول الله ﷺ أبا قتادة الحارث بن رِبْعي في سرية ، والهدف حَشد لقبيلة غطفان يُريدون غزو المدينة .

480- فاستطاع أبو قتادة رضي الله عنه ومن معه أن يُباغتوا حَشد قبيلة غطفان ، ويَقتل منهم ويَسبي منهم ، وفَرَّ بعضهم .

نلتقي بإذن الله في الحلقة الثالثة والعشرين .